تراثيات

شيخ الكتاب الجزائريين محمد الصالح الصديق -حفظه الله- يروي كيف شجعه والده على تأليف كتابه مقاصد القرآن

قال الشيخ العلامة محمد الصالح الصديق في مطلع كتابه مقاصد القرآن: " وكان والدي رحمه الله خلال العطلة الصيفية التي تفرغت خلالها لكتابة هذا الكتاب (مقاصد القرآن) لا يفتأ يتعهدني برعايته وتشجيعه، وكانت عادته طوال هذه المدة أنه يهيء لي الجو بإبعاد الأهل عن مكان البحث والكتابة، وتوعيتهم بأهمية هذا العمل الذي أمارسه، وأجْرَ من يعين عليه بتوفير الهدوء والسكينة.

وقبل الزوال يأتيني بكأس من الماء البارد ومما يتوفر له من فواكه الموسم، كالتين أو الإجاص، أو التفاح، أو العنب، وكنت أتحرج من هذه المعاملة كثيرا، ولكنه كان يسرّي عن نفسي، ويقول في لهجة قوية واثقة: عليك أ فقط بمواصلة عملك ودعني أنلْ معك أجرا عن هذا الجهاد، ولكني كنت مع ذلك أخجل من هذه المعاملة، وأتصور أقصى ما يشعر به من الفرح والبهجة بهذا التأليف، ويتضاعف نشاطي، ويتبدّد ما قد أشعر به من التعب.

واعتاد في المساء بعد أن يعود من إمامة الناس في مسجد القرية أن أقرأ عليه ما أنجزته من الكتاب ويواكب قراءتي بكل اهتمام، وبكل انبساط، وقد تأخذه حالة صوفية شاعرية فلا أملك إزاءها إلا أن أطلب منه الدعاء فيدعو لي ما شاء، دعاء ينطلق به لسانه، وتعبر عن حرارته أسارير وجهه، وقد تدمع عيناه، وربما لمّح لي في بعض هذه الجلسات إلى أهمية هذا الاتجاه في الكتابة، وإن الأمة الجزائرية في أشد الحاجة إليه". ص40

 

من نفس القسم تراثيات